السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
جاء أن طالبا سأل الإمام أبا حامد الغزالي عن هذه الآية فقال : يقول الله تعالى : " يسأله من في السماوات و الأرض كل يوم هو في شأن " .. فما شأن ربك اليوم ؟ فاستمهله الإمام إلى درس الغد .. فلما كان في درسه من الغد ذكره الطالب بسؤاله .. فاستمهله الإمام يوما آخر .. و تكرر الأمر بضعة أيام حتى أحس الإمام بالحرج .. و عزم أن ينهي الأمر .. فقال أمهلني يوما أخيرا .. و كان قد انتهى إلى أن يعتذر للسائل إذا هو لم يهتد للجواب .. رجع أبو حامد إلى بيته .. و قام من الليل يصلي و يسأل الله أن يلهمه الجواب .. ثم اضطجع قليلا .. فرأى رسول الله في المنام يقول له : " إن لله أمورا يبديها و لا يبتديها .. يرفع أقواما و يضع آخرين .. يؤتي الملك من يشاء و ينزع الملك ممن يشاء و يعز من يشاء و يذل من يشاء بيده الخير إنه على كل شيء قدير .. يولج الليل في النهار و يولج النهار في الليل و يخرج الحي من الميت و يخرج الميت من الحي و يرزق من يشاء بغير حساب " .. استيقظ الإمام فرحا بجواب رسول الله صلى الله عليه و سلم .. و لما كان في مجلسه طلب السائل و أسمعه الجواب .. فنظر السائل إلى الإمام و قال : يا أبا حامد أكثر من الصلاة و السلام على من علمك هذا في المنام ..
" إن لله أمورا يبديها و لا يبتديها " : المعلوم أن الأمر عند الله على خلاف الخلق ( ألا له الخلق و الأمر ) لا يخضع للظرف زمانا كان أم مكانا " إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون " . فمعنى " يبديها " أي أنه يظهرها و يجليها و يزيح الحجب عن بعض القلوب فتتهيأ لمشاهدتها و استشعارها .. و معنى " لا يبتديها " أي لا يبتدئها .. فلو تصورنا أنه سبحانه يبتدئها للزم أن ننتظر أن ينهيها .. فيكون الأمر قد تحول إلى خلق .. و احتاج بذلك إلى مدة زمنية ..